بين «أصحاب الفخامة» و«تسقط الجامعة».. القمة العربية تصاعد خلافات «إخوان مصر»

الأربعاء 29 مارس 2017 06:03 ص

تصاعدت الخلافات الداخلية للإخوان المسلمين في مصر، بسبب القمة العربية المقرر انطلاقها اليوم الأربعاء، بالأردن.

تبينت مواقف طرفي الصراع على قيادة الجماعة، بشأن القمة، ففي الوقت الذي أرسل القيادات التاريخية للجماعة رسالة لقادة القمة، طالبوهم فيها بالعمل على الوحدة وتجاوز أسباب الخلاف والوقوف دقيقة حداد على ضحايا الأمة العربية، رفض الطرف الآخر المسمي بـ«المكتب العام» الممثل للقيادة الشبابية، الرسالة، واعتبر الجامعة العربية مساندة للرؤساء في قتل وقمع شعوبهم.

مواقع التواصل الاجتماعي، شهدت حربا بين طرفي الصراع داخل الجماعة، متبادلين الاتهامات حيث سعى كل طرف لإثبات وجهة نظره.

وتنطلق الأربعاء، فعاليات القمة العربية التاسعة والعشرون، بحضور ١٦ زعيما عربيا، وغياب ٦ فقط، حيث تتصدر اهتمامات القمة القضية الفلسطينية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا والموقف من التدخل الخارجي في الشؤون العربية.

أصحاب الفخامة

البداية، كانت مع رسالة على البريد الإلكتروني صادرة عن مكتب الإخوان المسلمين بلندن، الذي يرأسه «إبراهيم منير» نائب المرشد العام، المعروف إعلاميا بـ«التنظيم الدولي»، نشرها موقع الجماعة الموالي للقيادت التاريخية، خاطبت الزعماء العرب الذين يحضرون القمة بـ«أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية».

الرسالة التي اطلع عليها «الخليج الجديد»، أدانت «استمرار سفك دماء العرب مسلمين ومسيحيين على أرضهم من المحيط إلى الخليج»، وطلبت المجتمعين «الوقوف دقيقة حداداً على ضحايا الأمة الذين يسقطون يومياً على ترابها، جراء ما يجري على أراضيها من حروب ونزاعات».

وعددت الرسالة التي حملت عنوان «رسالة من الإخوان المسلمين إلى مؤتمر القمة العربي»، «مقترحات للنهوض؛ لأن الشعوب على أتم استعداد للنهوض من كبوتها مرة أخرى وتدارك ما فاتها والوقوف خلف قيادتكم بكل عزيمة».

وشددت على أن «اللحظة التي تعيشها الأمة العربية لا يجب أن تكون لحظة نزاع أو خلاف، بل هي وقت إعطاء كل ذي حق حقه حاكماً كان أو محكوماً».

وأضافت أن من «شروط النهوض إبعاد كل من تقطر يداه بدماء شعبه من محيطكم، وأن تباعدوا بينكم وبين من يجحدون حق شعوبهم في الحرية والانعتاق، وأن تنأوا بأنفسكم وأمتكم عن كل من يطلب النصرة من غير الله سبحانه وتعالى القوى القاهر ثم لا يرتكن إلى تأييد شعبه».

الرسالة تضمن ذكر كلمة (دولة إسرائيل(، على غير المعهود ذكره في بيانات الجماعة التي كانت دائما ما تصفه بـ«الكيان الصهيوني»، حين قالت: «يأتي اجتماعكم في منطقة البحر الميت في المملكة الأردنية الهاشمية في الدورة العادية التاسعة والعشرين، وأنتم على مرمى حجر من بيت المقدس حيث المسجد الأقصى وكنيسة القيامة الأسيرتان، واللذان انتهى بهما التاريخ رغم  كل ما خرج من بيانات وقرارات عن القمم السابقة منذ تاسيس الجامعة العربية في عام 1945 وقبل قيام دولة (إسرائيل) بثلاث سنوات، وما خرج عنها من بيانات وقرارات إلى تأكيد وجود نظام فصل عنصري على هذه الأرض المباركة».

وختمت الرسالة بالدعاء للمجتمعين بالقول: «أعانكم الله على تأدية أماناتكم ووفقكم سبحانه وتعالى لما فيه الخير لأنفسكم ولشعوبكم، ودعائنا إلى الله سبحانه وتعالى أن يجعل أعمال هذه الدورة إيذانا بإعادة الحق لقضايا الأمة والعودة بمؤسسة الجامعة العربية إلى ما كانت ترجوه منها شعوبها».

تسقط الجامعة

رد حاسم، جاء من «المكتب العام للإخوان المسلمين في مصر»، الممثل للقيادة الشبابية، عبر بيان أكد «عدمَ صلته بالبيان المُوجَّه إلى الجامعة العربية باسم الإخوان»، وقال: «تلك الجامعةُ التي ساندت القتلَة – المُسمّين رؤساء غصباً وزُوراً – في قَتْل وقَمْع شعوبهم، كالمُجرم «(عبد الفتاح) السيسي» و«بشار (الأسد)»، ومن قبلهما «علي عبد الله صالح» و«(معمر) القذافي» و«(حسني) مبارك».

البيان الذي حمل عنوان «بيان هام للمكتب العام للإخوان المسلمين تعليقا على خطاب مكتب  مجموعة القائم بالأعمال في لندن الموجه للجامعة العربية»، قال: «يُؤكّد الإخوانُ المسلمون أن هذا البيانَ لا يُمثّل سوى أفكار ومواقف مَن كَتبُوه، ولا يُعبِّر عن الجماعة، ونهجها، وأفكارها؛ فالقتلةُ سيظلُّون قتلةً بلا فَخَامَةٍ، والكيان الصهيوني لن نُسمّيه (إسرائيل)».

وتابع: «إن الدماءَ المَبذُولة من أجل الحرية – دفاعاً عن فلسطين المنهوبة، حتى انقلاب المُجرم السيسي، وخلِّهِ في القتل والجُرم بشار – لا يجُوز معها هذه اللغةُ الرَّكِيكَة، والتَّهافت المُتدنِّي الذي كُتب به بيانٌ ممَّن يصفُون أنفسهم بـ(إخوان)».

ولفت بيان «المكتب العام» إلى إن «هذه الجامعةُ العربية فاقدةً لأيّ تعبير وتمثيل شعبي لأمتنا؛ هي شريكةٌ في القمع والقتل والتغييب، لم تنصر يوماً قضية، ولَم تقفْ لحظةً لنصرة مظلوم».

وختم البيان بالقول: «فلتسقط هذه الجامعة، وأمينها الخائن لعروبته، وأُمّته، فليسقط السيسي وبشار وكل خائن، نقولها إبراءً لذمّتنا ووفاءً لديننا، وعروبتنا».

حرب إلكترونية

مواقع التواصل الاجتماعي، شهدت حربا بين طرفي الصراع داخل الجماعة، متبادلين الاتهامات حيث سعى كل طرف لإثبات وجهة نظره.

ووسط اتهامات بالخيانة تارة وبيع القضية والتخلي عن الثوابت، وبين عدم فهم السياسية والدبلوماسية، جاءت تعليقات نشطاء مواقع التواصل.

«وصفى أبو زيد»، القيادي الإخواني المؤيد لـ«للمكتب العام»، فتح النار على بيان القيادة التاريخية، متسائلا: «بماذا يمكن أن نسمى هذا، أو كيف نفهمه؟، أين القضية أصلا؟ أين البوصلة؟!، لو صرخت وأسمعت الدنيا لما كفاني!! اللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل!!».

في الوقت الذي دافع البرلماني السابق «عز الدين الكومي» المؤيد للقيادة التاريخية، عن الرسالة الموجهة إلى الجامعة العربية، وقال إن كونها صادرة من مكتب لندن، يعني إنها تمثل الإخوان المسلمين حول العالم وليس فقط مصر.

بينما قال المحلل السياسي «أحمد غنيم»: «لا أدري لماذا المزايدة على بيان الإخوان الأخير لمجرد ذكر كلمة (إسرائيل)، واعتبار مجرد ذكر الاسم هو اعتراف بها»، مضيفا: «الإخوان اعترفوا بـ(إسرائيل) بالفعل منذ أن وصولوا للرئاسة واعترفوا بكل المعاهدات المبرمة معها وليس مجرد بيان على الانترنت هو ما سيجعلهم يعترفون بها».

وإثر انقلاب الجيش المصري، في 3 يوليو/ تموز 2013 بـ«محمد مرسي»، أول رئيس منتخب في تاريخ مصر، تعرضت جماعة الإخوان، التي ينتمي لها «مرسي»، لضغوط شديدة وملاحقات من السلطات في القاهرة، شملت وصم الجماعة بـ«الإرهاب»، رغم تأكيدها على انتهاج السلمية.

وتشهد الإخوان أزمة داخلية منذ قرابة عامين، وصفها مراقبون بأنها الأكبر في تاريخ الجماعة، التي تأسست عام 1928 علي يد «حسن البنا»، وذلك حول أساليب مواجهة الانقلاب في مصر، وطرق اتخاذ القرار داخل الجماعة، تمخض عنه وجود قيادتين للجماعة.

وتعد «اللجنة الإدارية العليا» التي تحولت إلى «المكتب العام لإخوان مصر» التي تولت إدارة التنظيم في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، أولى هذه الجبهات، وينضم إليها المكتب الإداري للإخوان خارج مصر والذي تشكل في مارس/ آذار 2015، برئاسة عضو مجلس شورى العام للجماعة «أحمد عبد الرحمن».

أما الطرف الثاني، فيضم «محمود عزت» نائب المرشد والقائم بأعماله، والأمين العام للجماعة «محمود حسين»، والأمين العام للتنظيم الدولي نائب المرشد العام «إبراهيم منير»، بالإضافة إلى «محمد عبد الرحمن» عضو مكتب الإرشاد ورئيس اللجنة الإدارية العليا الجديدة (تم اعتقاله لاحقا)، التي تم تشكيلها في فبراير/ نيسان الماضي، قبل أن يعاد تشكيلها مجددا في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وفشلت عدة مبادرات، تقدم بها علماء ومفكرين كبار، من داخل التنظيم وخارجه، كالدكتور «يوسف القرضاوي»، والشيخ «محمد أحمد الراشد»، والشيخ «أحمد الريسوني» في رأب الصدع بين الطرفين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإخوان قمة الأردن مصر خلافات التنظيم الدولي