رد مصر على انتقادات أمريكا لحقوق الإنسان.. اعتراف ضمني واستناد إلى تقارير تدينها

الاثنين 6 مارس 2017 10:03 ص

جاء رد الخارجية المصرية، على تقرير نظيرتها الأمريكية، التي انتقدت حقوق الإنسان في مصر، بمثابة اعتراف ضمني لما تضمنه التقرير من انتهاكات.

وكانت الخارجية الأمريكية، نشرت تقريراً، في 3 مارس/ آذار الجاري، عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، جاء في 20 الف كلمة، قالت فيه إن مصر بها «قمع للحريات، واستخدام مفرط للقوة، وقيود على حرية الرأي والتعبير، واستخدام للحبس الاحتياطي، وحالات اختفاء قسري، وتمييز ضد المعاقين والمرأة».

لكن رد الخارجية المصرية وجد في ذلك «وجهة نظر أمريكية داخلية»، مستنداً إلى «مراقبة المنظمات الحكومية لعمله».

وقالت الوزارة أمس، على لسان المتحدث باسمها «أحمد أبوزيد»، إن أوضاع حقوق الإنسان في مصر ترتبط بالتزامات دستورية واضحة، وتراقب من جانب المؤسسات الوطنية المصرية، الحكومية أو المستقلة مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان.

الاختفاء القسري

المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) الذي ذكره بيان الداخلية، اعترف رسميا بانتهاكات وقعت في مصر، على رأسها «الاختفاء القسري»، سواء على بيانات رسمية أو على لسان أعضائه.

وسبق أن بعث المجلس في يناير/ كانون الثاني 2016، لوزارة الداخلية سؤالا عن 191 شخصاً «مختفين قسرياً» ما يدل على وجود لتلك الحالات.

كما قدم المجلس في يوليو/ تموز 2016، لوزارة الداخلية شكاوى تتعلق بـ266 مواطنين قال إنهم «مختفين في الفترة من مارس/ آذار 2015 وأبريل/ نيسان 2016»، وذكر أن الوزارة اعترفت بوجود 238 في سجونها، وعدم قدرتها تحديد مصير 44 حالة.

وفي تقرير ثالث، حول الاختفاء القسري، صدر في أغسطس/ آب 2016، ذكر المجلس أن من بين حالات المختفين قسرياً 67 حالة تراوحت مدة تغيّبها من 6 إلى 8 أشهر، و14 حالة تراوحت مدد اختفائها من 4 إلى 5 أشهر، و6 حالات تغيّبت لمدة 10 أشهر.

الحبس الاحتياطي

الحبس الاحتياطي الممتد المدة، كان أحد انتقادات التقرير الأمريكي، وهو أيضا أحد انتقادات المجلس الحقوقي الذي استندت إلى مراقبته الحكومة المصرية، حين قال رئيسه «محمد فايق» في يوليو/ تموز 2016، إن «طول مدّة الحبس الاحتياطي لعدد من المحبوسين على ذمة قضايا تتعلق بتهم التظاهر، جعله عقوبة بحد ذاته»، مطالباً بعدم التوسع فيه.

كما أن «فايق»، تحدث، في تصريحات صحفية، عن شكاوى التكدّس وسوء أماكن الاحتجاز والتعذيب داخل أقسام الشرطة، موضحاً أن الداخلية تنفي الأمر في الوقت الذي يتوفر لدى المجلس 3 حالات موثقة لـ«تعذيب أفضى إلى موت داخل أماكن الاحتجاز»، بالإضافة إلى 20 حالة وفاة تعكس أسبابها سوء حالة أماكن الاحتجازن بحسب موقع «ميديا 360».

تقرير المجلس، الذي ناقشه البرلمان، في يناير/ كالنون الثاني الماضي، انتقد طول مدة الحبس الاحتياطي، وطالب بتقليلها.

المجتمع المدني

بخلاف التجاوزات التي ذكرتها تقارير المجلس الحكومي، في أوقات مختلفة، فإن المجلس وثق أيضاً حالات للمحاكمات العسكرية للمدنيين بشأن مواطنين «لم يرتكبوا جرائم ضد منشآت أو عسكريين»، ورغم ذلك تم تحويلهم للقضاء العسكري «مخالفة للدستور».

وتشمل هذه الملاحظات التي نشرها المجلس بعد إصدار البرلمان القانون: «تكوين الجمعيات بالإشعار، وحرية الجمعيات في تحديد النظام الأساسي لها، والحق في  الخصوصية، والحصول على التمويل المحلي والأجنبي دون تصريح مسبق، وعدم وقف نشاط أي جمعية إلا بحكم محكمة مستقلة».

الانتقاد الأمريكي لما وصفته بـ«التضييق على منظمات المجتمع المدني في مصر»، كان حقيقياً وفقاً لما أورده المجلس القومي لحقوق الإنسان، إذ انتقد غلق السلطات المصرية لمركز «النديم لتأهيل ضحايا التعذيب»، وقال على لسان رئيسه «فايق» إن «القضية 173 المعروفة بقضية التمويل الأجنبي سببت حرجاً لمصر في الخارج».

المجلس، الذي استند تقرير الخارجية المصرية عليه، كان أصدر عدة ملاحظات بشأن قانون الجمعيات الأهلية تجاهلها البرلمان.

تشمل هذه الملاحظات تكوين الجمعيات بالإشعار، وحرية الجمعيات في تحديد النظام الأساسي لها، والحق في  الخصوصية، والحصول على التمويل المحلي والأجنبي دون تصريح مسبق، وعدم وقف نشاط أي جمعية إلا بحكم محكمة مستقلة.

القانون الصادر لتنظيم عمل الجمعيات الأهلية ديسمبر/ كانون الأول 2016، وصفه «ناصر أمين» عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، في تصريحات صحفية، بـ«الفساد وعدم الدستورية»، لتناقضه مع «كل المواد الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات».

الحريات

ومن أخطر القوانين التي مررها «السيسي» في أغسطس/آب 2015، «قانون مكافحة الإرهاب»، الذي «يؤسس لدولة الفرد ودولة الخوف»، وفق معارضينن وهو القانون الذي عارضه «المجلس القومي لحقوق الإنسان»، الذي استند إليه بيان الخارجية.

يشار إلى أن منظمة «العفو الدولية»، رسمت في تقريرها السنوي للعام 2016، صورة «شديدة القتامة» لأوضاع حقوق الإنسان في مصر.

إذ لم يخل تقرير المنظمة عن مصر تقريباً من أي صنف من صنوف انتهاكات حقوق الإنسان، والتي شملت: الاختفاء القسري، والمحاكمات الجائرة، والتعذيب، وفرض قيود تعسفية على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، والقبض على عدد من منتقدي الحكومة ومعارضيها وعلى مواطنين أجانب، وتقديمهم للمحاكمة.

أيضاً، لفت التقرير أن السلطات المصرية استخدمت «حملات القبض التعسفي بشكل جماعي لقمع المظاهرات والمعارضة، فقبضت على صحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان ومتظاهرين، وفرضت قيوداً على أنشطة المنظمات المعنية بحقوق الإنسان».

كما تقاعست السلطات عن إجراء تحقيقات وافية في انتهاكات حقوق الإنسان، وعن تقديم مرتكبيها إلى ساحة العدالة.

وترفض السلطات المصرية أي انتقاد دولي لأوضاع حقوق الإنسان فيها، وسبق أن قال وزير الخارجية المصري «سامح شكري»، أن رد على وزير الخارجية الأمريكي السابق «جون كيرى»، أعرب فيه عن "قلقه الشديد لتدهور حالة حقوق الإنسان في مصر"، بعد إعادة فتح التحقيقات مع الحقوقيين المصريين، بالقول : «في كل بلاد العالم هناك قوانين تنظم عمل المنظمات، ونحن نرفض أي تدخل من هذا النوع في شؤون مصر».

  كلمات مفتاحية

حقوق الإنسان مصر أمريكا الخارجية القومي لحقوق الإنسان