«ستراتفور»: الشيعة في الكويت.. سلاح الحكومة ذو الحدين

السبت 28 يناير 2017 12:01 م

تغرّد الكويت وحيدة خارج سرب مجلس التعاون الخليجي. وتفخر الدولة بثروتها النفطية الهائلة ونصيب الفرد من الإنتاج الذي يتفوق على باقي الدول، حتّى السعودية أكبر منتج للنفط في العالم. وقد مكّنها هذا من تحقيق احتياطيات مالية ضخمة، أقل بقليل مقارنةً بالسعودية، بالرغم من أنّ عدد مواطنيها الذي لا يتخطّى 4 مليون نسمة فقط، هو مجرّد جزء صغير من سكّان المملكة.

والكويت أيضًا هي العضو الأكثر انفتاحًا سياسيًا بالمجلس (إلى جانب كونها من أكثر أعضائه محافظةً اجتماعية). ويوفّر برلمان الدولة القوي نسبيًا منتدى عام للنقاش في سيل من القضايا، ويعدّ أعضاء البرلمان روتينيًا على الوزراء خطواتهم.

وعلى رأس الفروق بين الكويت وقريناتها من دول المجلس، تأتي العلاقة بين الأسرة الحاكمة آل صباح والمجتمع الشيعي، والذي يمثّل 30 إلى 35 بالمائة من السكّان. وقد أثبت الشيعة الكويتيون أنفسهم كحليف مهم للأسرة الحاكمة على مرّ السنوات، ويحظون بفرص اقتصاديةٍ أكبر مقارنةً بالشيعة الذين يعيشون في باقي دول المجلس.

لكن مثل باقي دول مجلس التعاون، تدخل الكويت في خضم الإصلاح. وفي الحقيقة، اقترحت الحكومة برنامج رؤية الدولة 2035، والذي يهدف إلى تشجيع نمو القطاع الخاص، وتنويع الاقتصاد، وتقليص الإنفاق العام، قبل انهيار أسعار النفط منتصف عام 2014. وفي حين تستمر الدولة في مسيرتها الثابتة تجاه الإصلاح، فالمزايا التي تميّز الكويت عن باقي دول المجلس، قد تكون عاملًا يعرقل تقدّمها ويشعل التوتّرات بين سكّانها السنّة والشيعة.

تحليل

على الرغم من أنّ حملة الكويت الأحدث والأكثر جدّية للإصلاح تعود إلى عام 2010، فإنه لا يوجد استعجال حقيقي لتحقيق مبادراتها. وقد حمتها احتياطياتها النقدية المستدامة وصندوق ثروتها السيادي الضخم من التعرّض لتداعيات انخفاض أسعار النفط، ووفّر ذلك لها رفاهية التحرّك نحو الإصلاح بوتيرة بطيئة مقارنةً بباقي دول مجلس التعاون الخليجي. وبجانب خزائنها المملوءة، كان للبرلمان النشط يد في تعطيل برنامج الإصلاح. وقد استخدم النوّاب مناصبهم خلال الأعوام الماضية في إبطاء إجراءات الإصلاح أو إلغائها بالكلّية، كما فعلوا في يناير/كانون الثاني عام 2015 مع قرار زيادة أسعار الوقود، وسيشكّلون دائمًا نوعًا من التحدّي. وحتّى الشيعة في الكويت لديهم صوتهم في البرلمان، بفضل دورهم الاستراتيجي التاريخي في مساعدة الحكومة في مواجهة طلبات طبقة التجار السنّة. وفي بعض الأحيان، يكون صوتهم عاليًا للدرجة التي لا يمكن للحكومة تجاهلها. وفي عام 2011، على سبيل المثال، حجّمت الحكومة دورها في تفريق الاحتجاجات في البحرين برفقة القوّات السعودية والإماراتية، في استجابة لاحتجاج النوّاب الشيعة.

وفي لمحة سريعة، تنقسم الأحزاب في الكويت إلى ثلاثة فئات، شيعة وسنّة حضريين وسنّة ريفيّين. وفي الأعوام الأخيرة، وجدت الحكومة داعمًا قويًا متمثّلًا في الجماعات العلمانية والليبرالية التي تمثّل السنّة في المناطق الحضرية، وعدد من الأحزاب التي تمثّل الشيعة. وفي الوقت نفسه، فإنّ تحالف الجماعات الإسلامية والقبلية والسلفية، التي تمثّل السنّة في المناطق الريفية، قد شكّلت المعارضة الرئيسية للحكومة.

وفي أحدث انتخاباتٍ برلمانية في البلاد، والتي تمّت في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016، مال ميزان القوّة للمعارضة. فبعد مقاطعتها لانتخابات البرلمان السابقة اعتراضًا على قانون الانتخاب الجديد، استطاعت الجماعات السنّية القبلية والإسلامية والسلفية حصد 24 من بين 50 مقعدًا برلمانيًا. وعلى العكس، خسرت الأحزاب الشيعية ثلاثة من مقاعدها التسعة، ولديهم الآن أضعف تمثيل في البرلمان منذ عام 2009.

تركيبة معقدة

لكنّ تركيبة البرلمان الحالية لا تبشّر بخير لمستقبل الإصلاح في الكويت. ويعدّ السنّة في المناطق القبلية من أكثر سكّان البلاد تديّنًا ومحافظة اجتماعية وحرمانًا اقتصاديًا. ومع افتقارها للفرص الاقتصادية التي تحظى بها السنّة في المناطق الحضرية، تعتمد السنّة من المناطق الريفية على الإنفاق العام الكبير والحصول على الدعم. وبالتالي، من المؤكّد أنّ أعضاء البرلمان من الأحزاب القبلية والسلفية سيعارضون إجراءات خفض الإنفاق الاجتماعي أو تحرير السياسات الاجتماعية الكويتية. وفي هذه العملية، سيحاولون على الأرجح إقناع رموز المعارضة في الأحزاب السنّية في المناطق الحضرية للتحالف معهم ضدّ الجماعات الشيعية. وعلى الرغم أنّ الكويت في السابق قد حاولت إيجاد حل وسط بين مصالح الشيعة ومصالح السنّة في المناطق القبلية، قد لا يكون أمام الحكومة الكثير من الخيارات سوى الانحياز إلى التحالف السنّي. بخلاف ذلك، إذا استمرّت الخلافات الطائفية في البرلمان في عرقلة أجندة الإصلاح الحكومية، قد يقوم أمير الكويت بحل المجلس، وهو ما فعله من قبل، أو على الأقل قد يعلن انتخابات مبكرة.

ولكن حتّى في حال ما تسبّبت الإصلاحات الحكومية في تفاقم التوتّرات الطائفية، فلن ينقلب الشيعة على قادتهم. وعلى الرغم من أنّ إيران قد تجد في ذلك فرصة لعلاقات أعمق مع شيعة الكويت، فعلى الأرجح لن تصل إلى مبتغاها، نظرًا للفرص الاجتماعية والسياسية التي يتمتّع بها الشيعة في البلاد. ومع ذلك، يدرك آل الصباح جيدًا الخطر الذي يمثّله نفوذ إيران. فبعد كل شيء، نظّمت الجماعات الشيعية داخل وخارج البلاد هجمات انتقامية داخل الكويت في الثمانينات بسبب دعم الحكومة لبغداد في الحرب بين إيران والعراق. وإذا قامت الحكومة بتهميش الشيعة في المستقبل، قد يتّحد الشيعة في الكويت ضدّها.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

الكويت دول الخليج الإصلاح الاقتصادي الشيعة في الكويت