مصر والعالم في 2016.. 5 أزمات عربية وأزمتان بنكهة إفريقية وأوروبية

الأربعاء 21 ديسمبر 2016 02:12 ص

عام ساخن على الساحة الإقليمية والدولية بالنسبة لـ«الخارجية المصرية»، وأزمات سياسية ودبلوماسية عنيفة مع دول عربية وإفريقية وأوروبية، لا تتناسب مع ما تمر به البلاد من أوضاع اقتصادية صعبة، وأحوال معيشية متدهورة.

2016 شهد تفاقما لخلافات القاهرة مع 5 دول عربية هي المملكة العربية السعودية، وقطر، وفلسطين، وليبيا، والمغرب، وأزمة حادة مع إيطاليا على خلفية تعذيب ومقتل طالب الدكتوراه «جوليو ريجيني»، وتصاعدا في التوتر مع إثيوبيا بشأن ملف «سد النهضة».

دول عربية، كانت على علاقة قوية بالقاهرة، باتت مسرحا لتفاعلات سياسية ساخنة، وحملات تراشق ودعوات مقاطعة للجانب المصري، على خلفية تورط الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» في إذكاء الانقسام في المنطقة، وانخراط القاهرة في معارك جانبية على أكثر من محور، وسط انحياز لمصالح الدب الروسي، والمد الشيعي في المنطقة.

تصاعد الخلاف المصري السعودي

بدايات مبشرة مطلع العام، وتوقيع اتفاقات بمليارات الدولار، وأجواء احتفالية بزيارة العاهل السعودي الملك «سلمان» للقاهرة في أبريل/ نيسان الماضي، لكن سرعان ما تبدل الحال إلى أزمة حادة بين البلدين، وتراشق إعلامي، وإهانات للملك ونجله، وتجميد للاتفاقات الموقعة، بعد مماطلة مصرية في تسليم جزيرتي «تيران» و«صنافير» للرياض.

وعلى الرغم من الدعم السعودي الواضح للقاهرة، وضخ قرابة 30 مليار دولار، وفق تقديرات اقتصادية، لصالح نظام الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، منذ الانقلاب على الرئيس «محمد مرسي» أول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد، في 3 يوليو/تموز 2013، فإن بوصلة السياسة المصرية، خرجت عن طوع الرياض، وباتت في خط مضاد للمواقف السعودية، في ملفات حساسة للأمن القومي الخليجي والعربي، يتصدرها ملفي اليمن وسوريا. 

وخيمت أجواء التوتر حول مستقبل العلاقات المصرية السعودية، على خلفية تصويت القاهرة لصالح قرار روسي في مجلس الأمن الدولي يتعلق بالأزمة السورية، أعقب ذلك قرارا من شركة «أرامكو» السعودية، بوقف إمداداتها النفطية لمصر.

واصلت القاهرة تحديها للرياض، وتداولت وسائل إعلام تقارير عن إمداد مصر للمتمردين الحوثيين في اليمن، بـ 12 زورقاً حربيا متطورا، كما التقت مدير مخابرات النظام السوري اللواء «علي المملوك»، وأرسلت طيارين لدعم قواته في حلب وحمص، وشن إعلاميون مصريون، على صلات قوية بالأجهزة الأمنية في البلاد، حملة عنيفة ضد المملكة العربية السعودية، بلغت إهانة الملك ونجله، وامتدت إلى إطلاق تهديدات بوقف رحلات العمرة والحج للأراضي المقدسة، وفتح أبواب التطبيع مع إيران «العدو اللدود للمملكة»، وشراء النفط الإيراني بديلا للنفط السعودي.

الموقف المصري الداعم للمحور السوري العراقي الإيراني الروسي في المنطقة، بات يعادي المحور السعودي القطري التركي، وسط حسابات معقدة حول مستقبل «بشار الأسد» في سوريا، والحرب في اليمن، والتمدد الشيعي في العراق، صاحب ذلك تصاعد في الحرب الإعلامية، واللعب بورقة المساعدات، والنفط، والسلاح.

حملة ضد قطر

لم يلملم عام 2016 أوراقه، دون تفاقم جديد للخلافات المصرية القطرية، هذه المرة على خلفية تفجير دموي ضرب الكنيسة البطرسية وسط القاهرة 11 ديسمبر/ كانون أول الجاري.

اتهامات لقطر بالتورط في تمويل الهجوم، في ظل توجيهات عليا صدرت لصحف ووسائل إعلام مصرية، وبرامج التوك شو، بشن حملة انتقادات ضد الدوحة، مع تخصيص الجانب الأكبر منها على شخص الأمير «تميم بن حمد».

الاتهامات المصرية لم تمر مرور الكرام، إذ سارع مجلس دول التعاون الخليجي، إلى إصدار بيان يدين الاتهامات المصرية، ويحذر من الزج باسم قطر في تفجير الكنيسة.

حالة القصف المصري العنيف ضد الدوحة، جاءت على خلفية قيام قناة الجزيرة القطرية ببث فيلم وثاتقي رصد حياة «العساكر» في الجيش المصري، ما أثار حملة من الانتقادات للقناة ولقطر، وسط توقعات باستمرار تأزم العلاقات بين البلدين، لاسيما وأن الدوحة تحتضن العديد من قيادات جماعة الإخوان المعارضة لحكم «السيسي».

«حفتر» والأزمة الليبية

في محاولة لاستنساخ التجربة المصرية، وتنصيب الجنرال المتقاعد «خليفة حفتر» زعيما للبلاد، واصلت الدبلوماسية المصرية تخبطها إزاء الملف الليبي، وحاولت القاهرة دعم طرف على حساب آخر، والتقت «حفتر» أكثر من مرة، لدعمه بالسلاح والتدريب والمعلومات، مطالبة مجلس الأمن الدولي برفع الحظر عن تصدير السلاح لحليفها.

ويدعم نظام «السيسي» ما يسميه بـ«الجيش الوطني الليبي» بقيادة «خليفة حفتر» بكل ما يحمله من شرعية في تحركاته لاستعادة الاستقرار في البلاد، في إشارة إلى سيطرة «قوات حفتر» على منطقة الهلال النفطي شرقي ليبيا، بحسب تصريحات وزير الخارجية المصري «سامح شكري».

وعرقلت مصر إلى جانب روسيا والصين، صدور قرار من مجلس الأمن ضد قوات «حفتر»، كما رفضت القاهرة قيام أي قوات أجنبية بحماية حقول الغاز داخل ليبيا، وترددت أنباء عن إرسال مصر قوات إلى جانب «حفتر»، في محاولة لعزل الإسلاميين هناك، وبالأخص جماعة الإخوان، وعسكرة السلطة في البلاد على غرار النموذج المصري.

«البوليساريو» والمغرب

المناكفة السياسية كانت عنوانا للملف المصري المغربي، وسط تصعيد ضد الرباط، باستقبال رسمي لوفد من جبهة «البوليساريو» المناهضة للحكومة المغربية، على هامش احتفالية مرور 150 عاما على انطلاق البرلمان المصري بمدينة «شرم الشيخ».

وسبق أن أوفدت القاهرة مطلع العام الماضي وفدا مصريا للعاصمة الجزائرية من أجل حضور مؤتمر دولي داعم لجبهة البوليساريو، وهو ما أغضب الرباط.

زاد الطين بلة، رفض مصر الانسحاب من القمة العربية الإفريقية التي عقدت في غينيا الاستوائية مؤخرا، وشهدت انسحاب وفود المغرب والبحرين وقطر والسعودية والإمارات وسلطنة عمان والأردن، بسبب إصرار الاتحاد الأفريقي على مشاركة وفد ما يعرف «الجمهورية العربية الصحراوية» في أعمال القمة، وهي ليست عضو بالأمم المتحدة.

لكن الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، شارك في القمة، متجاهلا الموقف المغربي والعربي، دون مكاسب واضحة للقاهرة من دعم «البوليساريو»، سوى معاداة الحكومة التي يسيطر عليها إخوان المغرب.

«دحلان» و«أبومازن»

بين ليلة وضحاها، صار الرئيس الفلسطيني «محمود عباس أبومازن» خصما للقاهرة، بعد محاولات مصرية لدعم القيادي الفتحاوي «محمد دحلان» والدفع به لخلافة «عباس»، في رئاسة «السلطة الوطنية الفلسطينية» و«حركة فتح» و«منظمة التحرير الفلسطينية»، وذلك بدعم من دولة الإمارات.

ودخلت العلاقة بين «عباس»، ونظيره المصري «السيسي»، مرحلة التوتر، خاصة بعد ما تم الكشف عن ضغوط كبيرة يمارسها الأخير على «عباس» لإجراء «مصالحة» مع «دحلان»، وإعادته للمشهد الفلسطيني من جديد، 

تقزيم «حماس»، وعسكرة السلطة في الأراضي المحتلة بوضع جنرال على رأسها، هدفان تسعى القاهرة إلى تحقيقهما عبر الدفع بـ«دحلان» إلى سدة الحكم، ما أفقدها حليفها السابق «أبومازن»، وتوترت علاقاتها مع الفصائل الفلسطينية الأخرى.

أزمة سد النهضة

يتجه الملف المصري الإثيوبي إلى مزيد من التعقيد، إثر الكشف عن زيارة قام بها مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي «أحمد الخطيب»، إلى سد النهضة الإثيوبي، في إطار زيارته للعاصمة أديس أبابا.

الخطوة اعتبرت تصعيدا سعوديا باستغلال ورقة «سد النهضة» ضد «السيسي»، وسط تقارير عن اقتراب اكتمال بناء السد، واتهامات أديس أبابا للنظام المصري، رسميا في سبتمبر/ آيلول الماضي، وللمرة الأولى بـ«تقديم دعم مالي ولوجستي لعناصر إرهابية»، واستدعاء «أبو بكر حفني» السفير المصري لديها؛ للاستفسار عما تردد بشأن دعم القاهرة لجبهة «الأورومو» المعارضة المسلحة.

اللعب بورقة «الأورومو» قد يعد خطا أحمرا للنظام الإثيوبي في علاقته مع القاهرة، بشكل قد يعقد مستقبلا اتفاقيات التعاون المائي بين البلدين، ويزيد من تعقيدات أزمة «سد النهضة»، حال اكتمال بناؤه، وتأثر حصة مصر من مياه النيل.

تحقيقات «ريجيني» مستمرة

5 لقاءات خلال 2016 بين المحققين المصريين والإيطاليين حول واقعة مصرع الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الذي عثر علي جثته بالقرب من القاهرة مطلع فبراير/ شباط الماضي.

واختفى «ريجيني»، وهو طالب دراسات عليا بجامعة كمبريدج، في القاهرة يوم 25 يناير/كانون ثان الماضي، وعثر على جثته وبها آثار تعذيب، فيما نفت مصر مرارا اتهامات عدة بتورط وزارة داخليتها في مقتله.

وكشف تقرير عن تشريح أجرته السلطات الإيطالية أن «ريجيني» لم يتعرض لمجرد الضرب بصورة سادية على مدى عدة أيام، وإنما استخدم من عذبوه أيضا آلات حادة لحفر ما يبدو أنه أربعة أو خمسة حروف على جسده.

واشتكت إيطاليا مرارا من عدم تعاون السلطات المصرية في التحقيقات في حادث مقتل «ريجيني»، واستدعت سفيرها في القاهرة إلى روما، في أبريل/نيسان الماضي، للتشاور معه حول القضية.

وقرر البرلمان الإيطالي، في يونيو/حزيران الماضي، وقف تزويد مصر بقطع غيار لطائرات (إف-16) الحربية احتجاجا على مقتل «ريجيني»، الذي تحول إلى أيقونة في الشارع الإيطالي، ومصدر إزعاج حقوقي وقانوني للقاهرة، وأزمة في علاقات القاهرة بروما والاتحاد الأوروبي.

مصر تترك وراءها عاما مثقلا بالأزمات العربية والإقليمية والدولية، وأكثر من ورطة أمام الدبلوماسية المصرية، لكن أخطرها على الإطلاق خسارة الحليف السعودي، ومصداقيتها كشقيقة كبرى للدول العربية، تحتضن مقر جامعة الدول.

  كلمات مفتاحية

حصاد 2016 عبدالفتاح السيسى الخارجية المصرية الخلافات المصرية السعودية تيران وصنافير

«بن سلمان» يشترط تسليم تيران وصنافير وإقالة «شكري» لتصحيح العلاقات مع مصر

مصر تستقبل وفدا رسميا من «البوليساريو».. ومراقبون: استفزاز للمغرب

«فرانس 24»: «هزة عنيفة» تضرب العلاقات المصرية السعودية