العنف في مصر 2016.. تفجيرات واغتيالات تستهدف «الإخوان» والجيش والقضاة والأقباط

الاثنين 19 ديسمبر 2016 06:12 ص

تصفية المختفين قسريا، وحرب الاغتيالات، وكمائن الموت، وتفجير الكنيسة البطرسية، ودخول البلاد حزام العمليات الانتحارية، أبرز مشاهد المسرح المصري الملوث بالدم والانقسام والعنف، على خلفية انقلاب 3 يوليو، وما تلاه من تداعيات مأساوية.

2016 شهد العديد من التفجيرات وعمليات الاغتيال التي استهدفت قادة بارزين في الجيش المصري، وجماعة الإخوان، فضلا عن ظهور جيل جديد من الحركات المسلحة، وتزايد وتيرة عمليات «تنظيم الدولة» في أنحاء متفرقة من البلاد بداية من سيناء، إلى العاصمة القاهرة.

نهايات العام كانت الأكثر دموية ومأساوية، بالنظر إلى تصاعد حرب الاغتيالات بين نظام الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» من جانب، والحركات المسلحة المناوئة له من جانب آخر، بالإضافة إلى خروج نمط عمليات العنف عن استهداف رجال الشرطة والجيش، إلى أهداف مدنية، بما يحمله ذلك من دلالات خطيرة بشأن تحولات المشهد المصري.

كمائن الموت

الهجمات على كمائن قوات الشرطة والجيش كان السيناريو الأكثر تكرارا خلال العام الحالي، مكبدا الأمن المصري خسائر فادحة خاصة في شمال سيناء حيث ينشط «تنظيم الدولة» وتتنوع هجماته ما بين استخدام سيارات ملغومة وعبوات ناسفة أو الهجوم بقذائف صاروخية أو الاشتباك مع قوة الكمين أو المزاوجة بين كل تلك الأساليب.

في 24 أبريل/ نيسان الماضي، قام مجهولون بتفجير 3 خطوط غاز مغذية لمصنع كفر الدوار لتعبئة أسطوانات الغاز، بالقرب من كمين العمياء بمركز «كفر الدوار» بمحافظة البحيرة وسط الدلتا.

وفي 17 سبتمبر/آيلول الماضي، أعلنت وزارة الداخلية المصرية أن «اللواء خالد كمال عثمان من قوة قطاع الأمن المركزى قتل أثناء مروره لتفقد الخدمات والتمركزات الأمنية بالمدينة إثر قيام مجهولين يستقلون سيارة بيضاء اللون بإطلاق الأعيرة النارية إتجاه أحد التمركزات الأمنية التي كانت يتفقدها في مدينة العريش»، وأعلن تنظيم «ولاية سيناء» في بيان له مسؤوليته عن الهجوم.

مطلع أكتوبر/ تشرين أول قتل 9 شرطيين خلال أقل من أسبوع في سيناء، 5 منهم قتلوا برصاص مجهولين، في حي العبور جنوب العريش كبرى مدن شمال سيناء، بينما قتل 3 شرطيين وسائقهم في العريش، في هجوم أعلن «تنظيم الدولة» مسؤوليته عنه.

ويعد هجوم كمين «زقدان» واحدا من أخطر الهجمات التي تعرضت لها مواقع الجيش المصري، في 14 أكتوبر/ تشرين أول، موقعا 12 قتيلا و7 مصابين من قوات الأمن.

الهجوم استهدف كمين زقدان الذي يبعد نحو 40 كيلومتر بعد مدينة «بئر العبد» وسط سيناء، بسيارة ملغومة، وهو الأسلوب المفضل لـ«تنظيم الدولة» في سيناء، الذي شهدت عملياته تصاعدا في الآونة الأخيرة ضد قوات الجيش المصري.

وتشير تقديرات غير رسمية إلى مقتل نحو 32 ضابطا وجنديا من قوات الجيش والشرطة، وإصابة نحو 23 آخرين في هجمات مسلحة، خلال شهر أكتوبر/ تشرين أول فقط.

وبنفس الأسلوب في 24 نوفمبر/تشرين ثان الماضي، سقط 13 قتيلا من قوات الجيش المصري في الهجوم المسلح الذي تعرض له حاجز «الغاز» العسكري، في محافظة شمال سيناء (شمال شرق)، عقب هجوم بسيارة ملغومة استهدف أحد نقاط التأمين بشمال سيناء أعقبه اشتباكات مسلحة.

في 9 ديسمبر/ كانون أول، تم استهداف كمين أمني بشارع الهرم بمحافظة الجيزة قرب القاهرة، ما أسفر عن مقتل 6 من رجال الشرطة المصرية وإصابة 7 آخرين.

حرب الاغتيالات

يمكن اعتبار 2016 عام الاغتيالات في مصر، نظرا لما شهده من جرائم تصفية خارج إطار القانون، نفذتها أجهزة الأمن المصري، وعمليات مضادة بدعوى الثأر والانتقام.

24 مارس/ آذار، زعمت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها، إنه في أعقاب تبادل لإطلاق النار في ضاحية القاهرة الجديدة شمال شرق العاصمة، تمكنت قوات الشرطة من تصفية أربعة أشخاص كانوا يشكلون تشكيلا عصابيا تخصص في انتحال صفة ضباط شرطة واختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه، متهمة الضحايا بالمسؤولية عن اختطاف وتعذيب وقتل طالب الدكتوراه الإيطالي «جوليو ريجيني»، وهي الرواية التي لم تقنع روما، وشككت في مصداقيتها وسائل إعلام مصرية، وسرعان ما تراجعت «الداخلية» عنها، نافية أنها ربطت بين تصفية العصابة المسلحة ومقتل «ريجيني».

التطور اللافت والأخطر في تلك الحرب، كان إعلان وزارة الداخلية المصرية في 4 أكتوبر/تشرين أول، عن تصفيتها القيادي في جماعة الإخوان عضو مكتب الإرشاد الدكتور «محمد كمال» ومرافقه «ياسر شحاتة»، بعد قرابة الساعتين من إعلان القبض عليهما.

وزعمت وزارة الداخلية في بيان لها أن «مقتل القياديين الإخوانيين حدث أثناء مواجهات بينهما وبين الأجهزة الأمنية عند مداهمة الأخيرة لوكر كانا يختبئان فيه»، على حد قول البيان.

لكن صحيفة «اليوم السابع» المقربة من أجهزة أمنية في البلاد، نقلت قبيل ساعات من صدور بيان الوزارة عن مصدر أمني خبر إلقاء القبض على الدكتور «محمد كمال» ومرافقه «ياسر شحاتة».

واعتبرت تصفية «كمال» تصعيدا خطيرا من قبل الانقلاب العسكري ضد جماعة الإخوان، بعد تصفية 9 قيادات دفعة واحدة بمنطقة السادس من أكتوبر مطلع يوليو/ تموز 2015.

ولم تصمت جماعة الإخوان، مؤكدة في بيان لها، إنه «بعد البحث والتوثيق بالأدلة والشهود، تأكد اعتقال (كمال) و(شحاتة) من الشارع، ومن ثم اقتيادهم إلى مقر سكنهم، وتصفيتهم داخل المسكن».

لكن السلطات المصرية واصلت نهجها، في تصفية المعارضين والمختفين قسريا، وأعلنت في 17 أكتوبر/ تشرين أول، تصفية «أشرف إدريس» وهو معارض متهم في قضية اقتحام وحرق مركز شرطة «كرداسة» غرب القاهرة.

وفي 3 نوفمبر/ تشرين ثان، أعلنت وزارة «الداخلية» المصرية، عن تصفية الإخواني «عمار محمد عبد العليم محمد» في مداهمة أمنية لمقر إقامته بمنطقة «السلام»، شمال العاصمة المصرية القاهرة، بدعوى تعرض قواتها لإطلاق نار.

وقبل أن يلملم 2016 أوراقه، أنهى الأمن المصري في 6 ديسمبر/ كانون أول، حياة 3 شباب في محافظة «أسيوط» جنوبي البلاد بتهمة الانضمام لحركة «حسم» التي أعلنت مسؤوليتها عن عدة هجمات خلال الفترة الماضية، وذلك رغم اختفائهم قسريا منذ عدة أشهر.

الضحايا هم «علاء رجب أحمد عويس، مختفي قسريا منذ سبتمبر/أيلول الماضي بعد القبض عليه من إحدي شوارع القاهرة، وعبدالرحمن جمال طالب بالفرقة الثانية بكلية العلوم مختفي قسريا من يوم 25 أغسطس/آب بعد القبض عليه أثناء الذهاب لعمله بمدينة 6 أكتوبر حيث كان يعمل بمعمل للتحاليل بدوام جزئي، ومحمد سيد حسين زكي، مختفي قسريا منذ 11 أكتوبر/تشرين أول الماضي».

وبعد ثلاثي الإخوان، وفي أقل من 24 ساعة، أعلنت «الداخلية المصرية» عن تصفية طالب يدعى «مصطفى سيد علي الغزالى» بمنطقة «أبوزعبل» بمحافظة القليوبية، شمال البلاد.

ظهور «حسم» و«لواء الثورة»

شهد العام المقترب من النهاية، ظهور حركات مسلحة في مصر، حتى الآن لا يعرف قادتها أو عدد كوادرها ونوع تسليحها، لكنها بزغت إلى الضوء بعمليات نوعية فشلت في عدد منها، ولم تنجح سوى في عدد قليل.

في 16 يوليو/ تموز من العام الجاري، نفذت «حسم» أولى عملياتها باغتيال الرائد «محمود عبد الحميد» رئيس مباحث مركز شرطة طامية بمحافظة «الفيوم» غرب البلاد، وفي 5 أغسطس/آب الماضي نجا مفتي مصر السابق الدكتور على جمعة، من محاولة اغتيال فاشلة نفذتها الحركة بإطلاق النار عليه بمنطقة 6 أكتوبر غرب القاهرة.

ولـ«جمعة» العديد من الفتاوى المثيرة للجدل، حيث قال في وقت سابق، إن من عصى الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» فقد عصى النبي (صلى الله عليه وسلم).

وسبق أن أباح لقائد الانقلاب العسكري «عبدالفتاح السيسي» قتل معارضيه من الإخوان المسلمين متهما إياهم بالخوارج وقال جملته الشهيرة «طوبى لمن قتلهم وقتلوه من قتلهم كان أولى بالله منهم».

الفشل كان المصير الذي لاحق «حسم» في 29 سبتمبر/ آيلول الماضي عند محاولة اغتيال النائب العام المساعد، المستشار زكريا عبدالعزيز عثمان، لكن هذه المرة بسيارة ملغومة، دون أن يصب الهدف بأذى.

تخلل عمليتي «المفتي» و«النائب العام المساعد» تصفية أمين شرطة بمباحث قسم 6 أكتوبر يدعى «صلاح حسن عبدالعال»، وزرع عبوات ناسفة بمحيط نادي الشرطة بمحافظة «دمياط» شمال مصر، ما أسفر عن إصابة 3 من رجال الشرطة.

ظهرت حركة مسلحة مجهولة تدعى «لواء الثورة»، كانت الأكثر حنكة وخطورة في تنفيذ عملياتها، أعلنت عن تدشين نفسها وتبني عمليات، وذلك في 22 أغسطس/ آب الماضي، عقب أول عملية لها، والتي استهدفت فيها نقطة تفتيش العجيزي، بمحافظة «المنوفية» شمال العاصمة، والتي أسفرت عن مقتل عنصري شرطة وإصابة 5 آخرين بينهما مدنيان.

بينما كانت أخطر وأبرز عملية للحركة، اغتيال قائد الفرقة التاسعة بالجيش المصري العميد «عادل رجائي»، أمام منزله بمدينة العبور، شمال القاهرة.

وقالت الحركة عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، «قامت مجموعة من مقاتلينا بتصفية المجرم:عادل رجائي أحد قادة ميليشيات السيسي، صباح السبت 22-10-2016 بعدة طلقات في الرأس واغتنام سلاحه».

ويعد «عادل رجائي» أرفع مسؤول عسكري يتم اغتياله منذ اغتيال الرئيس المصري «أنور السادات» في أكتوبر/ تشرين الأول 1981.

تفجير البطرسية

في ذكرى المولد النبوي الشريف، وفي يوم عطلة رسمية، قتل 26 شخصا، وأصيب 49 آخرين، في تفجير وقع صباح الأحد 11 ديسمبر/ كانون الأول، في المقر الرئيسي للكنيسة المصرية المعروف باسم «الكاتدرائية المرقسية»، وسط القاهرة.

وأعلن «تنظيم الدولة» تبنيه تفجير الكاتدرائية القبطية، قائلا إن منفذ الهجوم هو «أبو عبدالله المصري»، مؤكدا أنه «فجر حزامه الناسف موقعا 80 قتيلا وجريحا».

وأضاف التنظيم الذي ينشط أساسا في سيناء، تحت عنوان «هلاك نحو 80 صليبيا بعملية استشهادية وسط القاهرة» أن «الأخ الاستشهادي أبو عبدالله المصري انطلق نحو معبد للنصارى حيث توسط جموع الصليبيين وفجر حزامه الناسف موقعا منهم نحو 80 بين هالك وجريح»، وفق بيانه.

وكانت السلطات المصرية أعلنت أن شابا يدعى «محمود شفيق» وكنيته «أبو دجانة الكناني» هو من نفذ العملية، إلا أن ذويه نفوا أن يكون ابنهم المقصود، مؤكدين أنه يقيم في السودان.

بـ«حزام ناسف» و«عملية انتحارية» اختتمت مصر عاما ساخنا من العنف الرسمي، والعنف المضاد، على خلفية وأد آمال المصالحة، وانتهاج سلطات الانقلاب العسكري سياسة التصفية بدم بارد، واعتقال المعارضين، والدفع بالبلاد إلى نفق مظلم من الانقسامات السياسية والمجتمعية والمخاطر الأمنية.

  كلمات مفتاحية

عام 2016 كمائن الموت حسم لواء الثورة الكنيسة البطرسية محمد كمال عادل رجائي تنظيم الدولة