حمل ناشطون يمنيون مساء الإثنين الإمارات مسؤولية مقتل «محمد بارحمة» أحد قيادات المقاومة بشبوة تحت التعذيب بعد أن اعتقلته قواتها الجمعة، في حادثة أعتبرت كاشفة لخطة الإمارات في مواجهة «التجمع اليمني للإصلاح» و«التيار السلفي» الموالي للمملكة، ومحاولاتها لتكوين جبهة دينية موالية لها.
ومنذ أن أعلنت أبوظبي الشهر الماضي شن حملة عسكرية ضد تنظيم القاعدة في حضرموت والمكلا، أصيبت المدينتين بفوضى أمنية عارمة وتغول قوات يمنية تم تدريبها وتأهيلها إماراتيا وتحمل عقيدة أبوظبي الأمنية التي تعادي كل تيارات الإسلام الوسطي بذريعة مكافحة تنظيم الدولة والقاعدة.
واحتفلت شخصيات ووسائل إعلامية إماراتية بما أسموه «الانتصار» في المكلا قبل تسلل تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي شن خلال اليومين الماضيين نحو 10 هجمات دامية.
جبهة دينية موالية للإمارات
وشنت قوات يمنية وإماراتية حملة اعتقالات واسعة، الجمعة، شملت علماء سلفيين ووجهاء المدينة بزعم انتمائهم للقاعدة وقد تعرضوا للتنكيل والتعذيب ومنهم«بارحمة».
ونقلت مصادر يمنية خاصة لـ«لخليج الجديد» أن الإمارات تنظم لقاءات فردية مع عدة رموز دينية بهدف بناء جبهة موالية لها، في مواجهة«القاعدة» و«التجمع اليمني للإصلاح» و«التيار السلفي» الموالي للمملكة، حيث تعتبرهم جميعا خطرا واحدا لا يقل عن خطر الحوثيين.
وكان ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» قد أعلن عن تخصيص 20 مليون دولار الأحد للمكلا وعدن لدعم الأجهزة الأمنية والمخابرات.
«القاعدة» يتوعد الإمارات
ونشبت خلافات حادة بين الرئيس «هادي» وبين أبوظبي على خلفية الدور الذي تلعبه الأخيرة في اليمن والذي بات محط اتهام قطاعات واسعة من اليمنيين الذين يعتبرونه امتدادا للاحتلال الحوثي، على حد تعبيرهم، متوعدين بمقاومته كما قاموا التمرد الحوثي.
وأصدر تنظيم القاعدة في اليمن بيانا توعد الإمارات بالانتقام بسبب الحملة التي شنها على المنطقة ودفع التنظيم على الانسحاب منها، وفقا لبيان التنظيم.
وحمل إماراتيون مسؤولية هذا التهديد والاشتباك إلى ما أسماه ناشطون إلى المغامرات العسكرية في اليمن والتي تجاوزت الدور الذي منحه الإماراتيون غطاء شرعيا ما دام أنه كان يستهدف إعادة الشرعية ومواجهة أحد الأذرع الإيرانية.
وطالب ناشطون أن يقتصر الدعم الشعبي الإماراتي لمشاركة القوات الإماراتية في اليمن على دعم عاصفة الحزم وليس الانحراف بها لخوض معارك مفتوحة مع منظمات العنف والتطرف التي لا تكترث لدماء أبرياء، خاصة أن الرئيس «هادي» استنجد بدول الخليج ضد الانقلاب والتمرد وليس أي شيء آخر، حتى باتت الصحف العالمية تصف القوات الإماراتية في اليمن بأنها الحاكم الفعلي بعد تجاوز أدوارها.
ورأى ناشطون أن هذه السياسات إنما تؤدي إلى فقدان الإماراتيين للأمن والأمان سواء داخل الدولة أو خارجها، معتبرين أن مكافحة القاعدة وغيرها هو شأن يمني داخلي ليس للتحالف علاقة به.
تضييق الخناق على المقاومة
وتسعى أبوظبي من هذا الدور المغلف بمحاربة القاعدة إلى تضييق الخناق والقضاء على رجال المقاومة المحسوبين على التجمع اليمني للإصلاح استباقا لأي دور لهم سياسي في اليمن خاصة بعد إظهار الرئيس «هادي» اعتماده على إصلاحيي اليمن بصورة كبيرة من خلال إقالة من يوصف رجل أبوظبي في اليمن «خالد بحاح» وتعيين المقرب من الإصلاح محسن الأحمر في المنصب الثاني في الدولة عسكريا ومدنيا.
وكتب الناشط اليمني «محمد الضبياني» مغردا على حسابه: «ابتهج الحضرميون من طرد تنظيم القاعدة واستقبلوا قوات الجيش بفرحة غامرة، ولكن الانتهاكات المروعة تصيب حضرموت بالخيبة والقهر».
وتابع، «يعيش الحضرميون لحظات خوف من مجهول ينتظرهم بعد اختطاف بارحمة وتعذيبه في معتقلات تشرف عليها قوات إماراتية».
وطالب الناشط الحكومة تحمل مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية وتكشف عن الجناة وإحالتهم للعدالة، متعهدا بعدم الصمت على الجريمة، قائلا: «من يظن أننا سنصمت عن الجرائم فهو واهم، وقفنا بقوة أمام جرائم الحوثي وعصابات عفاش ولم نسمح لأحد أن يتمادى في جرائمه»، على حد تأكيده.
جموحكم السياسي سيطرحكم أرضا
من جهته، حذر وزير أسبق وقيادي في «جماعة الإخوان المسلمين» باليمن العائلة الحاكمة في الإمارات مما أسماه بـ«الجموح السياسي» الذي قال إنه «سيطرحهم أرضا طال الوقت أم قصر».
وعبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، كتب «صالح سميع»، وهو وزير يمني سابق للكهرباء، وقيادي في «حزب التجمع اليمني للإصلاح»، لـ«جماعة الإخوان» في اليمن، قائلا: «إلى محمدبن زايد (ولي عهد أبو ظبي) وإخوته الفاطميين (نسبة إلى والدتهم الشيخة فاطمة بنت مبارك): لقد ركبتم دروب السياسة على صهوة حصان شديد الجموح».
وأضاف: «لم ولن أشك لحظة في أن هذا الجموح المجنون سيطرحكم أرضا طال الوقت أم قصر، ووقتئذٍ يكون القطار قد فاتكم فيما لو استدعيتم حكمة والدكم: زايد رحمه الله».
جاء ذلك، عقب توجيه وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية الدكتور «أنور قرقاش» الاتهامات مجددا إلى جماعة الإخوان المسلمين في اليمن والتي يمثلها حزب الإصلاح، زاعما وجود تنسيق بين الجماعة وتنظيم القاعدة، مؤكدا وجود أدلة دامغة وملموسة للتعاون والتنسيق بين الإخوان المسلمين والقاعدة.